فصل: وحدثني عبد الله بن معاذ العنقزي عن أبيه عن سعد بن الحكم بن عتبة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتوح البلدان **


 وحدثني عبد الله بن معاذ العنقزي عن أبيه عن سعد بن الحكم بن عتبة

عن زيد بن وهب قال‏:‏ لما هزم الله المشركين بنهاوند رجع أهل الحجاز إلى حجاز هم وأهل البصرة إلى بصرتهم وأقام حذيفة بنهاوند في أهل الكوفة‏.‏

فغزا أذربيجان فصالحوه على ثمانية مئة ألف درهم‏.‏

فكتب إليهم عمر بن الخطاب‏:‏ إنكم بأرض يخالط طعام أهلها ولباسهم الميتة فلا تأكلوا إلا ذكيًا ولا تلبسوا إلا زكيًا‏.‏

يريد الفراء‏.‏

وحدثني العباس بن الوليد النرسي قال‏:‏ حدثنا عبد الواحد بن زياد قال لنا عاصم الأحول‏.‏

عن أبي عثمان النهدي قال‏:‏ كنت مع عتبة بن فرقد حين افتتح أذربيجان‏.‏

فصنع سفطين من خبيص وألبسهما الجلود و اللبود ثم بعث بهما إلى عمر مع سحيم مولى عتبة‏.‏

فلما قدم عليه قال‏:‏ ما الذي جئت به أذهب أم ورق وأمر به فكشف عنه فذاق الخبيص فقال‏:‏ إن هذا الطيب أثر‏!‏ أكل الهاجرين أكل منه شعبه قال‏:‏ لا إنما هو شيء خصك به‏.‏

فكتب إليه‏:‏ من عبد الله أمير المؤمنين إلى عتبة بن فرقد‏.‏

أما بعد فليس من كدك ولا كد أمك ولا كد أبيك‏.‏

لا نأكل إلا ما يشبع منه المسلمون في رحالهم‏.‏

وحدثني الحسين بن عمرو وأحمد بن مصلح الأزدي عن مشايخ من أهل أذربيجان قالوا‏:‏ قدم الوليد بن عقبة أذربيجان ومعه الأشعث بن قيس‏.‏

فلما انصرف الوليد ولاه أذربيجان فانتفضت‏.‏

فكتب إليه يستمده‏.‏

فأمده بجيش عظيم من أهل الكوفة‏.‏

فتتبع الأشعث بن قيس حانًا حانًا - والحان الحائر في كلام أهل أذربيجان - ففتحها على مثل صلح حذيفة وعتبة بن فرقد وأسكنها ناسًا من العرب من أهل العطاء والديوان وامرهم بدعاء الناس إلي الإسلام‏.‏

ثم تولى سعيد بن العاص فغزا أهل أذربيجان فأوقع بأهل موقان وجيلان وتجمع له بناحية أرم وبلوانكرح خلق من الأرمن وأهل أذربيجان فوجه إليهم جرير بن عبد الله البجلي فهزمهم وأخذ رئيسهم فصلبه على قلعة باجروان‏.‏

ويقال إن الشماخ بن ضرار الثعلبي كان مع سعيد بن العاص في هذه الغزاة وكان بكير بن شداد بن عامر فارس أطلال معهم في هذه الغزاة وفيه يقول الشماخ‏:‏ وغنيت عن خيل بموقان أسلمت بكير بني الشداخ فارس أطلال وأشعث غره الإسلام مني خلوت بعرسه ليل التمام فقتله‏.‏

ثم ولى علي بن أبي طالب الأشعث أذربيجان‏.‏

فلما قدمها وجد أكثرها قد أسلموا وقرأو القرآن‏.‏

فأنزل أردبيل جماعة من أهل العطاء والديوان من العرب ومصرها وبنى مسجدها إلا أنه وسع بعد ذلك‏.‏

قال الحسين بن عمرو‏:‏ وأخبرني واقد أن العرب لما نزلت أذربيجان نزعت إليها عشائرها من المصرين والشام وغلب كل على ما أمكنهم وابتاع بعضهم من العجم الأرضين وألجئت إليهم القرى للخفارة فصار أهلها مزارعين لهم‏.‏

وقال الحسين‏:‏ كانت ورثان قنطرة كقنطرتي وحش وأرشق اللتين اتخذتا حديثًا أيام بابك فبناها مروان بن محمد بن مروان بن الحكم وأحيا أرضها وحصنها فصارت له ضيعة‏.‏

ثم قبضت مع ما قبض من ضياع بني أمية فصارت لأم جعفر زبيدة بنت جعفر بن المنصور أمير المؤمنين وهدم وكلاؤها سورها‏.‏

ثم رم وجدد قريبًا وكان الورثاني من مواليها‏.‏

قال‏:‏ وكانت برزند قرية فعسكر فيها الأفشين حيدر بن كاوس عامل أمير المؤمنين المعتصم بالله على أذربيجان وأرمنية والجبل أيام محاربته الكافر بابك الخرمي وحصنها‏.‏

قالوا‏:‏ وكانت المراغة تدعى اقراهروذ‏.‏

فعسكر مروان بن محمد وهو والي أرمينية وأذربيجان - منصرفة من غزوة موقان وجيلان - بالقرب منها‏.‏

وكان فيها سر جبن كثير فكانت دوابه و دواب أصحابه تمرغ فيها فجعلوا يقولون‏:‏ ايتوا قرية الراغة‏.‏

ثم حذف الناس قرية وقالوا‏:‏ المراغة‏.‏

وكان أهلها ألجأوها إلى مروان فابتناها وتألف وكلاؤه الناس فكثروا فيها للتعزز ثم إنها قبضت مع ما قبض من ضياع بني أمية‏.‏

وصارت لبعض بنات الرشيد أمير المؤملين‏.‏

فلما عاث الوجناء الأزدي وصدقة بن علي مولى الأزد فأفسدا وولي خزيمة بن خازم بن خزيمة أرمينية وأذربيجان في خلافة الرشيد بنى سورها وحصنها ومصرها وأنزلها جندًا كثيفًا‏.‏

ثم لما ظهر بابك الخرمي بالبذ لجأ الناس إليها فنزلوها وتحصنوا فيها‏.‏

ورم سورها في أيام المأمون عدة من عماله منهم‏:‏ أحمد بن الجنيد بن فرزندي وعلي بن هشام‏.‏

ثم نزل الناس ربضها وحصن‏.‏

وأما مرند فكانت قريةً صغيرة فنزلها حلبس أبو البعيث ثم حصنها البعيث ثم ابنه محمد بن البعيث‏.‏

وبنى بها محمد قصورًا‏.‏

وكان قد خالف في خلافة أمير المؤمنين المتوكل على الله فحاربه بغا الصغير مولى أمير المؤمنين حتى ظفر به وحمله إلى سر من رأى وهدم حائط مرند وذلك القصر‏.‏

والبعيث من ولد عتيب بن عمرو بن وهب بن أقصى بن دعمي بن جديلة بن أسد ابن ربيعة‏.‏

ويقال إنه عتيب بن عوف بن سنان‏.‏

والعتبيون يقولون ذلك والله أعلم‏.‏

وأما أرمية فمدينة قديمة يزعم المجوس أن زر دشت صحبهم كان منها‏.‏

وكان صدقة بن علي بن صدقة بن دينار مولى الأزد حارب أهلها حتى دخلها وغب عليها وبنى وأخوته بها قصورًا‏.‏

وأما تبريز فنزلها الرواد الأزدي ثم الوجناء بن الرواد وبنى بها وأخوته بناء وحصنها بسور فنزلها الناس معه‏.‏

وأما الميانج فمنازل الهمدانيين‏.‏

وقد مدن عبد الله بن جعفر الهمداني محلته بالميانج ومصير السلطان بها منبرًا‏.‏

وأما كوره برزة فللأود وقصبتها لرجل منهم جمع الناس إليها وبنى بها حصنًا وقد اتخذ بها في سنة 239 منبر على كرهٍ من الأودي‏.‏

وأما نرير فكانت قرية لها قصر قديم متشعث فنزلها مر بن عمرو الموصلي الطائي فبنى بها وأسكنها ولده‏.‏

ثم انهم بنوا بها قصورًا ومدنوها‏.‏

وبنوا سوق جابر وان وكبروه وأفرده السلطان لهم فصاروا يتولونه دون أذربيجان‏.‏

فأما سراه فإن فيها من كنده جماعة أخبرني بعضهم أنه من ولد من كان مع الأشعث بن قيس الكندي‏.‏

فتح الموصل قالوا‏:‏ ولى عمر بن الخطاب عتبة بن فرقد السلمي الموصل سنة عشرين‏.‏

فقاتله أهل نينوى فأخذ حصنها وهو الشرقي عنوةً وعبر دجلة فصالحه أهل الحصن الآخر على الجزية والإذن لمن أراد الجلاء في الجلاء‏.‏

ووجد بالموصل دياراتٍ فصالحه أهلها على الجزية‏.‏

ثم فتح المرج وقراه وأرض باهذرة وباعذرى والحنانة والمعلة ودامير وجميع معاقل الأكراد‏.‏

وأتى بانعاثا من حزه ففتحها‏.‏

وأتى تل الشهارجة والسلق الذي يعرف ببني الحرين صالح بن عباده الهمداني صاحب رابطة الموصل ففتح ذلك كله وغلب عليه المسلمون‏.‏

وأخبرني معافى بن طاووس عن مشايخ من أهل الموصل قال‏:‏ كانت أرمية من فتوح الموصل فتحها عتبة بن فرقد‏.‏

وكان خراجها حينًا إلى الموصل‏.‏

وكذلك الحور وخوى وسلماس‏.‏

قال معافى‏:‏ وسمعت أيضًا أن عتبة فتحها حين ولى أذربيجان‏.‏

والله أعلم‏.‏

عن جده قال‏:‏ أول من اختط الموصل وأسكنها العرب ومصرها هر ثمة بن عر فجة البارقي‏.‏

حدثني أبو موسى الهروى عن أبي الفضل الأنصاري عن أبي المحارب الضبي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عزل عتبة عن الموصل وولاها هرثمة بن عرفجة البارقي‏.‏

وكان بها الحصن وبيعٌٌ للنصارى ومنازل لهم قليلة عند تلك البيع ومحلة اليهود‏.‏

فمصرها هرثمة فأنزل العرب منازلهم واختط لهم ثم بنى المسجد الجامع‏.‏

وحدثني المعفى بن طاووس قال‏:‏ الذي فرش الموصل بالحجارة ابن تليد صاحب شرطة محمد بن مروان بن الحكم‏.‏

وكان محمد والي الموصل والجزيرة وأرمينية وأذربيجان‏.‏

قال الواقدي‏:‏ ولى عبد الملك بن مروان ابنه سعيد بن عبد الملك ابن مروان صاحب نهر سعيد الموصل‏.‏

وولى محمدًا أخاه الجزيرة وأرمينية‏.‏

فبنى سعيدٌ سور الموصل وهو الذي هدمه الرشيد حين مر بها‏.‏

وقد كانوا خالفوا قبل ذلك وفرشها سعيد بالحجارة‏.‏

وحدثت عن بعض أهل بابغيش أن المسلمين كانوا طلبوا غرة أهل ناحية منها مما يلي دامير يقال لها زران‏.‏

فأتوهم في يوم عيد لهم وليس معهم سلاح فحالوا بينهم وبين قلعتهم وفتحوها‏.‏

قالوا‏:‏ ولما اختط هرثمة الموصل وأسكنها العرب أتى الحديثة وكانت قرية قديمة فيها بيعتان وأبياتٌ للنصارى فمصرها وأسكنها قومًا من العرب فسميت الحديثة لأنها بعد الموصل‏.‏

وبنى نحوه حصنًا‏.‏

ويقال إن هرثمة نزل الحديثة أولًا فمصرها واختطها قبل الموصل وإنها إنما سميت الحديثة حين تحول إليها من تحول من أهل الأنبار لما وليهم ابن الرفيل أيام الحجاج ابن يوسف فعسفها‏.‏

وكان فيهم قومٌ من أهل حديثة الأنبار فبنوا بها مسجدًا وسموا المدينة الحديثة‏.‏

قالوا‏:‏ وافتتح عتبة بن فرقد الطيرهان وتكريت وآمن أهل حصن تكريت على أنفسهم وأموالهم وسار في كوره باجرامى ثم صار إلى شهرزور‏.‏

وحدثني شيخٌ من أهل تكريت أنه كان معهم كتاب أمانٍ وشرطٌ لهم‏.‏

فخرقه الجرشى حين أخرب قرى الموصل نرساياذ وهاعلة وذواتها‏.‏

وزعم الهيثم بن عدي أن عباض بن غنم لما فتح بلدًا أتي الموصل ففتح أحد الحصنين‏.‏

والله تعالى أعلم‏.‏

شهر زور والصامغان ودراباذ حدثني إسحاق بن سليمان الشهرزورى قال‏:‏ ثنا أبي عن محمد بن مروان عن الكلبي عن بعض آل عزرة البجلى أن عزرة بن قيس حاول فتح شهرزور وهو والٍ على حلوان في خلافة عمر فلم يقدر عليها‏.‏

فغزاها عتبة بن فرقد ففتحها بعد قتال على مثل صلح حلوان‏.‏

وحدثني إسحاق عن أبيه عن مشايخهم قال‏:‏ صالح أهل الصامغان ودراباذ عتبة على الجزية والخراج على أن لا يقتلوا ولا سبوا ولا يمنعوا طريقًا يسلكونه‏.‏

وحدثني أبو رجاء الحلواني عن أبيه عن مشايخ شهرزور قالوا‏:‏ شهرزور والصامغان ودراباذ من فتوح عتبة ابن فرقد السلمي‏.‏

فتحها وقاتل الأكراد فقتل منهم خلقًا وكتب إلى عمر‏:‏ إني قد بلغت بفتوحي أذربيجان‏.‏

فولاه إياها‏.‏

وولى هرثمة بن عرفجة الموصل‏.‏

قالوا‏:‏ ولم تزل شهرزور وأعمالها مضمومةً إلى الموصل حتى فرقت في آخر خلافة الرشيد‏.‏

فولى شهرزور والصامغان ودراباذ رجلٌ مفردٌ‏.‏

وكان رزق عامل كل كوره من كور الموصل مائتي درهم فحط لهذه الكور ست مئة درهم‏.‏

جرجان وطبرستان ونواحيها قالوا‏:‏ ولى عثمان بن عفان رحمه الله سعيد بن العاص بن سعيد ابن العاص بن أمية الكوفة في سنة تسع وعشرين‏.‏

فكتب مرزبان طوس إليه وإلى عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس وهو على البصرة يدعوها إلى خراسان على أن يملكه عليها أيهما غلب وظفر‏.‏

فخرج ابن عامر يريدها وخرج سعيد‏.‏

فسبقه ابن عامر فغزا سعيد طبرستان ومعه في غزاته فيما يقال الحسن والحسين أبناء علي بن أبي طالب عليهم السلام‏.‏

وقيل أيضا إن سعيدًا غزا طبرستان بغير كتاب أتاه من أحد وقصد إليها من الكوفة والله أعلم‏.‏

ففتح سعيد طميسة ونامنة وهي قرية‏.‏

وصالح ملك جرجان على مائتي ألف درهم ويقال على ثلاث مئة ألف بغلية وافته فكان يؤديها إلى غزاة المسلمين‏.‏

وافتتح سعيد سهل طبرستان والرويان ودنباوند وأعطاه أهل الجبال مالًا‏.‏

وكان المسلمون يغزون طبرستان ونواحيها فربما أعطوا الاتاوة عفوًا ورمبا أعطوها بعد قتال‏.‏

وولى معاوية بن ابي سفيان مصقلة بن هبيرة بن شيل - أحد بني ثعلبة ابن شيبان بن ثعلبة بن عكابة - طبرستان وجميع أهلها حرب‏.‏

وضم إليه عشرة آلاف ويقال عشرين ألفًا فكاده العدو وأروه الهيبة له حتى توغل بمن معه في البلاد‏.‏

فلما جاوروا المضايق أخذها العدو عليهم ودهدهوا الصخور من الجبال على رؤسهم‏.‏

فهلك ذلك الجيش أجمع وهلك مصقلة فضرب فقالوا‏:‏ حتى يرجع مصقلة من طبرستان‏.‏

ثم إن عبيد الله بن زياد بن أبي سفيان ولى محمد بن الأشعث بن قيس الكندي طبرستان‏.‏

فصالحهم وعقد لهم عقدًا ثم أمهلوا له حتى دخل فأخذوا عليه ا لمضايق وقتلوا ابنه أبا يكر فضخوه ثم نجا‏.‏

فكان المسلمون يغزون ذلك الثغر وهم حذرون من التوغل في أرض العدو‏.‏

وحدثني عباس بن هشام الكلبي عن أبيه عن أبي مخنف وغيره قالوا‏:‏ لما ولى سليمان بن عبد الملك بن مروان الأمر ولى يزيد بن الملهب بن أبي صفرة العراق‏.‏

فخرج إلى خرا سان لسبب ما كان من التواء قتيبة بن مسلم وخلافه على سليمان وقتل وكيع بن أبي سود التميمي إياه‏.‏

فعرض له صول التركي في طريقه وهو يريد خرا سان‏.‏

فكتب إلى سليمان يستأذنه في غزوه فأذن له‏.‏

فغزا جيلان وسارية ثم أتى دهستان وبها صول فحصرها وهو في جند كثيف من أهل الشام و أهل المصرين وأهل خرا سان‏.‏

فكان أهل دهستان يخرجون فيقاتلونهم فألح عليهم يزيد وقطع المواد عنهم‏.‏

ثم إن وصل أرسل إلى يزيد يسأله الصلح على أن يؤمنه على نفسه وماله وأهل بيته ويدفع إليه المدينة وأهلها وما فيها‏.‏

فقبل يزيد ذلك وصالحه عليه ووفى له‏.‏

وقتل يزيد أربعة عشر ألفًا من الترك واستخلف عليها‏.‏

وقال أبو عبيده معمر بن المثنى‏:‏ إن صول قتل والخبر الأول أثبت‏.‏

وقال هشام بن الكلبي‏:‏ أتى يزيد جرجان‏.‏

فتلقاه أهلها بالإتاوة التي كان سعيد بن العاص صالحهم عليها فقبلها‏.‏

ثم إن أهل جرجان نقضوا وغدروا‏.‏

فوجه إليهم جهم بن زحر الجعفي ففتحها‏.‏

قال‏:‏ ويقال إنه صار إلى مرو فأقام بها شتوته ثم غزا جرجان في مئة ألف وعشرين ألف من أهل الشام والجزيرة والمصرين وخرا سان‏.‏

وحدثني علي بن محمد المدائني قال‏:‏ أقام يزيد بن المهلب بخراسان شتوةً ثم غزا جرجان وكان عليها حائط من آخر قد تحصنوا به من الترك وأحد طرفيه في البحر ثم غلبت الترك عليه وسموا ملكهم صول‏.‏

فقال يزيد‏:‏ قبح الله قتيبة‏!‏ ترك هؤلاء وهم في بيضة العرب وأراد غزو الصين أو قال‏:‏ وغزا الصين‏.‏

وخلف يزيد على خراسان مخلد بن يزيد‏.‏

قال‏:‏ فلما صار إلى جرجان وجد صول قد نزل في البحيرة‏.‏

فحصره ستة أشهر وقاتله مرارًا‏.‏

فطلب الصلح على أن يؤمنه على نفسه وماله وثلاث مئة من أهل بيته ويدفع إليه البحيرة بما فيها‏.‏

فصالحه ثم سار إلى طبرستان‏.‏

واستعمل علي دهستان والبياسان عبد الله بن معمر اليشركي وهو في أربعة آلاف ووجه ابنه خالد بن يزيد وأخاه أبا عيينة بن المهلب إلى الإصبهبذ وهزمهما حتى ألحقهما بعسكر يزيد‏.‏

وكتب الإصبهبذ إلى المرزبان - ويقال المروزبان -‏:‏ آنا قد قتلنا أصحاب يزيد فاقتل من قبالك من العرب‏.‏

فقتل عبد الله بن معمر اليشكري ومن معه وهم غارون في منازلهم‏.‏

وبلغ الخبر يزيد فوجه حيان مولى مصقلة وهو من سبى الديلم فقال للإصبهبذ‏:‏ إني رجل منك وإليك وإن فرق الدين بيننا ولست بآمن أن يأتيك من قبل أمير المؤمنين ومن جيوش خرا سان ما لا قبل لك به ولا قوام لك معه‏.‏

وقد رزت لك يزيد فوجدته سريعًا إلى الصلح فصالحه‏.‏

ولم يزل يخدعه حتى صالح يزيد على سبع مئة ألف درهم وأربع مئة وقر زغفرانًا‏.‏

فقال له الإصبهبذ‏:‏ العشرة وزن ستة‏.‏

فقال‏:‏ لا ولكن وزن سبعة‏.‏

فأبى‏.‏

فقال حيان‏:‏ أنا أتحمل فضل ما بين الوزنتين‏.‏

فتحمله‏.‏

وكان حيان من نبل الموالي وسرواتهم وكان يكنى أبا معمر‏.‏

قال المدائني‏:‏ بلغ يزيد نكث أهل جرجان وغردهم فسار يريدها ثانية‏.‏

فلما بلغ المرزبان مسيره أتى وجاه فتحصن بها وحولها غياض وأشب‏.‏

فنزل عليها سبعة أشهر لا يقدر منها على شيء‏.‏

وقاتلوه مررًا ونصب المنجنيق عليها‏.‏

ثم إن رجلًا دلهم على طريق إلى قلعتهم وقال‏:‏ لا بد من سلم جلود‏.‏

فعقد يزيد لجهم بن زحر الجعفى وقال‏:‏ إن غلبت على الحياة فلا تغلبن على الموت‏.‏

وأمر يزيد أن تشعل النار في الحطب‏.‏

فهالهم ذلك وخرج قومٌ منهم ثم رجعوا‏.‏

وانتهى جهم إلى القلعة فقاتله قومٌ ممن كان على بابها فكشفهم عنه‏.‏

ولم يشعر العدو بعيد العصر إلا بالتكبير من ورائهم‏.‏

ففتحت القلعة وأنزلوا على حكم يزيد‏.‏

فقادهم جهم إلى وادي جمرجان وجعل يقتلهم حتى سالت الدماء في الوادي وجرت‏.‏

وهو بنى مدينة جرجان‏.‏

وسار يزيد إلى خراسان فبلغته الهدايا‏.‏

ثم ولى ابنه مخلدا خراسان وانصرف إلى سليمان‏.‏

فكتب إليه أن معه خمسة وعشرين ألف ألف درهم‏.‏

فوقع الكتاب في يدي عمر بن عبد العزيز فأخذ يزيد به وحبسه‏.‏

وحدثني عباس بن هشام الكلبي عن أبيه عن أبي مخنف أو عوانة بن الحكم قال‏:‏ سار يزيد إلى طبرستان‏.‏

فاستجاش الاصبهبذ الديلم فأنجدوه‏.‏

فقاتله يزيد ثم إنه صالحه على نقد أربعة آلاف ألف درهم وعلى سبع مئة ألف درهم مثاقيل في كل سنة ووقر أربع مئة جمازٍ زعفرانًا وأن يخرجوا أربع مئة رجل على رأس كل رجل منهم ترس وطيلسان وجام فضة ونمرقة حرير‏.‏

وبعض الرواة يقول‏:‏ برنس‏.‏

وفتح يزيد الرويان ودنباوند على مالٍ وثيابٍ وآنية‏.‏

ثم مضى إلى جرجان وقد غدر أهلها وقتلوا خليفته وقدم أمامه جهم بن زحر بن قيس الجعفي‏.‏

فدخل المدينة وأهلها غارون وغافلون ووفاه ابن المهلب فقتل خلقًا من أهلها وسبى ذراريهم وصلب من قتل عن يمين الطريق ويساره‏.‏

واستخلف عليها جهمًا فوضع الجزية والخراج على أهلها وثقلت وطأته عليهم‏.‏

قالوا‏:‏ ولم تزل اهل طبرستان يؤدون الصلح مرةً ويمتنعون من أدائه أخرى فيحاربون ويسالمون‏.‏

فلما كانت أيام مروان بن محمد بن مروان ابن الحكم غدروا ونقضوا حتى إذا استخلف أبو العباس أمير المؤمنين وجه إليهم عامله فصالحوه‏.‏

ثم إنهم نقضوا وغدروا وقتلوا المسلمين في خلافة أمير المؤمنين المنصور‏.‏

فوجه إليهم خازم بن خزيمة التميمي وروح بن حاتم المهلبي ومعهما مرزوق أبو الخصيب مولاه الذي نسب إليه قصر أبي الخصيب بالكوفة‏.‏

فسألهما مرزوق حين طال عليهما الأمر وصعب أن يضرباه ويحلقا رأسه ولحيته ففعلا‏.‏

فخلص إلى الإصبهبذ فقال له‏:‏ إن هذين الرجلين استغشاني وفعلا بي ما ترى وقد هربت إليك فإن قبلت انقطاعي وأنزلتني المنزلة التي أستحقها منك دللتك على عورات العرب وكنت يدًا معك عليهم‏.‏

فكساه وأعطاه وأظهر الثقة به والمشاورة له‏.‏

فكان يريه أنه له ناصحٌ وعليه مشفق‏.‏

فلما اطلع على أموره وعوراته كتب إلى خازم وروح بما احتاجا إلى معرفته من ذلك واحتال للباب حتى فتحه‏.‏

فدخل المسلمون المدينة وفتحوها وساروا في البلاد فدوخوها‏.‏

وكان عمر بن العلاء جزارًا من أهل الري فجمع جمعًا وقاتل سنفاذ حين خرج بها‏.‏

فأبلى ونكى فأوفده جهور بن مرار العجلى على المنصور فقوده وحضنه وجعل له مرتبة‏.‏

ثم أنه ولى طبرستان فاستشهد بها في خلافة المهدي أمير المؤمنين‏.‏

وافتتح محمد بن موسى بن حفص بن عمر بن العلاء وما يزديار بن قارن جبال شر وين من طبرستان وهي أمنع جبالٍ وأصعبها وأكثرها أشبًا وغياضًا في خلافة المأمون رحمه الله‏.‏

ثم إن المأمون ولى مايزديار أعمال طبرستان والرويان ودنباوند وسماه محمدًا وجعل له مرتبة الإصبهبذ‏.‏

فلم يزل واليًا حتى توفى المأمون‏.‏

ثم استخلف أبو إسحاق المعتصم بالله أمير المؤمنين فأقره على عمله‏.‏

ثم إنه كفر وغدر بعد ست سنين وأشهرٍ من خلافته‏.‏

فكتب إلى عبد الله بن طاهر ابن الحسين بن مصعب عامله على خراسان والري وقومس وجرجان يأمره بمحاربته‏.‏

فوجه عبد الله إليه الحسن لن الحسين عمه في رجال خراسان‏.‏

ووجه المعتصم بالله محمد بن إبراهيم بن مصعب فيمن ضم إليه من جند الحضرة‏.‏

فلما توافت الجنود في بلاده كاب أخٌ له يقال له فوهيار بن قارن الحسن ومحمدًا وأعلمهما أنه معهما عليه‏.‏

وقد كان يحقد أشياء يناله بها من الاستخفاف‏.‏

وكان أهل عمله قد ملوا سيرته لتجبره وعسفه‏.‏

فكتب الحسن يشير عليه بأن يكمن في موضع سماه له وقال لما يزديار‏:‏ إن الحسن قد أتاك وهو بموضع كذا وذكر غير ذلك الموضع وهو يدعوك إلى الأمان ويريد مشافهتك فيما بلغني‏.‏

فسار مايزديار يريد الحسن‏.‏

فلما صار بقرب الموضع الذي الحسن كامنٌ فيه آذنه فوهيار بمجيئه‏.‏

فخرج عليه في أصحابه وكانوا منقطعين في الغياض فجعلوا يتتامون إليه‏.‏

واراد مايزديار العرب فأخذ فوهيار بمنطقته‏.‏

وانطوى عليه أصحاب الحسن فأخذوه سلمًا بغير عهدٍ ولا عقد‏.‏

فحمل إلى سر من رأى في سنة خمس وعشرين ومائتين فضرب بالسياط بين يدي المعتصم بالله ضربًا مبرحًا فلما رفعت السياط عنه مات‏.‏

فصلب بسر من رأى مع بابك الخرمي على العقبة التي بحضرة مجلس الشرطة‏.‏

ووثب بفوهيار بعض خاصة أخيه فقتل بطبرستان‏.‏

وافتتحت طبرستان سهلها وجبلها فتولاها عبد الله بن طاهر وطاهر بن عبد الله من بعده‏.‏

فتوح كور دجلة قالوا‏:‏ كان سويد بن قطبة الذهلي وبعضهم يقول‏:‏ قطبة بن قتادة يغير في ناحية الخريبة من البصرة على العجم كما كان المثنى بن حارثة الشيباني يغير بناحية الحيرة‏.‏

فلما قدم خالد بن الوليد البصرة يريد الكوفة سنة 12 أعانه على حرب أهل الأبلة وخلف سويدًا‏.‏

ويقال إن خالدًا لم يسر من البصرة حتى فتح الخريبة وكانت مسلحةً للأعاجم فقتل وسبى‏.‏

وخلف بها رجلًا من بني سعد بن بكر بن هوازن يقال له شريح بن عامر‏.‏

ويقال إنه أتى نهر المرأة ففتح القصر صلحًا صالحه عنه النوشجان بن جسنسما والمرأة صاحبة القصر كامن دار بنت نرسى وهي ابنة عم النوشجان‏.‏

وإنما سميت المرأة لأن أبا موسى الأشعري كان نزل بها فزودته خبيصًا فجعل يقول‏:‏ أطعمونا من دقيق المرأة‏.‏

وكان محمد بن عمر الواقدي ينكر أن يكون خالد بن الوليد أتى البصرة حين فرغ من أمر أهل اليمامة والبحرين‏.‏

ويقول‏:‏ قدم المدينة ثم سار منها إلى العراق على طريق فيد والثعلبية والله أعلم‏.‏

قالوا‏:‏ فلما بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه خبر سويد بن قطبة وما يصنع بالبصرة رأى أن يوليها رجلا من قبله فولاها عتبة بن غزوان بن جابر بن وهب بن نسيب - أحد بني مازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة‏.‏

وهو حليف بني نوفل بن عبد مناف وكان من المهاجرين الأولين - وقال له‏:‏ إن الحيرة قد فتحت وقتل عظيمٌ من العجم يعني مهران ووطئت خيل المسلمين أرض بابل‏.‏

فصره إلى ناحية البصرة واشغل من هناك من أهل الأهواز وفارس وميسان عن إمداد إخوانهم على إخوانك‏.‏

فأتاها عتبة وانضم إليه سويد بن قطبة ومن معه من بكر بن وائل وكانت بالبصرة سبع دساكر‏:‏ اثنتان بالخريبة واثنتان بالزايوقة وثلاثٌ في موضع دار الأزد اليوم‏.‏

ففرق عتبة أصحابه فيها ونزل هو بالخريبة وكانت مسلحةً للأعاجم ففتحها خالد بن الوليد فخلت منهم‏.‏

وكتب عتبة إلى عمر يعلمه نزوله وأصحابه بحيث نزلوا‏.‏

فكتب إليه يأمره بأن ينزلهم موضعًا قريبًا من الماء والمراعى‏.‏

فأقبل إلى موضع البصرة‏.‏

قال أبو مخنف‏:‏ وكانت ذات حصى وحجارة سود فقيل إنها بصرة‏.‏

وقيل إنهم إنما سموها بصرة لرخاوة أرضها‏.‏

قالوا‏:‏ وضربوا بها الخيام والقباب والفساطيط‏.‏

ولم يكن لهم بناء‏.‏

وأمد عمر عتبة بهرثمة بن عرفجة البارقي وكان بالبحرين ثم إنه صار بعد إلى الموصل‏.‏

قالوا‏:‏ فغزا عتبة بن غزوان الأبلة ففتحها عنوة‏.‏

وكتب إلى عمر يعلمه ذلك ويخبره أن الأبله فرضة البحرين وعمان والهند والصين‏.‏

وأنفذ الكتاب مع نافع بن الحارث الثقفي‏.‏

وحدثني الوليد بن صالح قال‏:‏ ثنا مرحوم العطار عن أبيه عن شويس الهدوي قال‏:‏ خرجنا مع أمير الأبلة فظفرنا بها‏.‏

ثم عبرنا الفرات فخرج إلينا أهل الفرات بمساحيهم فظفرنا بهم وفتحنا الفرات‏.‏

وحدثني عبد الواحد بن غياث قال‏:‏ ثنا حماد بن سلمة عن أبيه عن حميري بن كراثة الربعى قال‏:‏ لما دخلوا الأبلة وجدوا خبيز الحواري‏.‏

فقالوا‏:‏ هذا الذي كان يقال إنه يسمن‏.‏

فلما أكلوا منه جعلوا ينظرون إلى سواعدهم ويقولون‏:‏ والله ما نرى سمنًا‏.‏

قال‏:‏ وأصبت قميصًا مجيبًا من قبل صدره أخضر فكنت أحضر فيه الجمعة‏.‏

وحدثني المدائني عن جهم بن حسان قال‏:‏ فتح عتبة الأبلة ووجه مجاشع بن مسعود على الفرات وأمر المغيرة بالصلاة وشخص إلى عمر‏.‏

وحدثني المدائني عن أشياخه أن مابين الفهرج إلى الفرات صلح وسائر الأبلة عنوة‏.‏

وحدثني عبد الله بن صالح المقري قال‏:‏ حدثني عبدة بن سليمان عن محمد بن إسحاق بن يسار قال‏:‏ وجه عمر بن الخطاب رضي الله عنه عتبة بن غزوان حليف بني نوفل في ثمان مئة إلى البصرة وأمده بالرجال‏.‏

فنزل بالناس في خيم‏.‏

فلما كثروا بنى رهطٌ منهم سبع دسا كر من لبنٍ منها بالخريبة اثنتان بالزابوقة واحدة وفي الأزد اثنتان وفي تميم اثنتان‏.‏

ثم إنه خرج إلى الأبلة فقاتل أهلها ففتحها عنوة‏.‏

وأتى الفرات وعلى مقدمته مجاشع بن مسعود السلمي ففتحه عنوة‏.‏

وأتى المذار فخرج إليه مرزبانها فقاتله فهزمه الله وغرق عامة من معه‏.‏

وأخذ سلمًا فضرب عتبة عنقه‏.‏

وسار عتبة إلى دستميسان وقد جمع أهلها للمسلمين وأرادوا المسير إليهم فرأى أن يعاجلهم بالغزو ليكون ذلك أفت في اعضادهم وأملأ لقلوبهم فلقيهم فهزمهم الله وقتل دها قيهم‏.‏

وانصرف عتبة من فوره إلى أبرقياذ ففتحها الله عليه‏.‏

قالوا‏:‏ ثم استأذن عتبة عمر بن الخطاب في الوفادة عليه والحج‏.‏

فأذن له‏.‏

فاستخلف بن مجاشع بن مسعود السلمي وكان غائبًا عن البصرة وأمر المغيرة بن شعبة أن يقوم مقامه إلى قدومه‏.‏

فقال ‏:‏ أتولى رجلًا من أهل الوبر على رجل من أهل المدر واستعفى عتبة من ولاية البصرة فلم يعفه وشخص فمات في الطريق‏.‏

فولى عمر البصرة للمغيرة بن شعبة‏.‏

وقد كان الناس سألوا عتبة عن البصرة فأخبرهم بخصبها فسار إليها خلقٌ من الناس‏.‏

وحدثني عباس بن هشام عن أبيه عن عوانة قال‏:‏ كانت عند عتبة بن غزوتن أزده بنت الحارث بن كلدة‏.‏

فلما استعمل عمر عتبة بن غزوان قدم معه نافعٌ وأبوه بكرة وزياد‏.‏

ثم إن عتبة قاتل أهل مدينة الفرات فجعلت امرأته أزده تحرض الناس على القتال وهي تقول‏:‏ إن يهزموكم تولجوا فينا الغلف ففتح الله على المسلمين تلك المدينة وأصابوا غنائم كثيرة‏.‏

ولم يكن فيهم أحدٌ يكتب ويحسب إلا زياد‏.‏

فولى قسم ذلك المغنم وجعل له كل يوم درهمان وهو غلام في رأسه ذوابة‏.‏

ثم إن عتبة شخص إلى عمر‏.‏

وكتب إلى مجاشع بن مسعود يعلمه أنه قد خلفه وكان غائبًا وأمر المغيرة بن شعبة أن يصلي بالناس إلى قدوم مجاشع‏.‏

ثم إن دهقان ميسان كفر ورجع عن الإسلام فلقيه المغيرة بالمنعرج فقتله‏.‏

وكتب المغيرة إلى عمر بالفتح منه‏.‏

فدعا عمر عتبة فقال‏:‏ ألم تعلمني أنك استخلفت مجاشعًا قال‏:‏ نعم‏.‏

فإن المغيرة كتب إلى بكذا‏.‏

فقال‏:‏ إن مجاشعًا كان غائبًا فأمرت المغيرة أن يخلفه ويصلى بالناس إلى قدومه‏.‏

فقال عمر‏:‏ لعمري لاهل المدر كانوا أولى بأن يستعملوا من أهل الوبر‏.‏

ثم كتب إلى المغيرة بعهده على البصرة وبعث به إليه‏.‏

فأقام المغيرة ما شاء الله‏.‏

ثم إنه هوى المرأة‏.‏

وحدثني عبد الله بن صالح عن عبدة عن محمد بن إسحاق قال‏:‏ غزا المغيرة ميسان ففتحها عنوة بعد قتالٍ شديدٍ وغلب على أرضها‏.‏

ثم إن أهل أبرقباذ غدروا ففتحها المغيرة عنوة‏.‏

وحدثني روح بن عبد المؤمن قال‏:‏ حدثني وهب بن جرير بن حازم عن أبيه قال‏:‏ فتح عتبة بن غزوان الأبلة والفرات وأبرقاذ زد ستميسان وفتح المغيرة ميسان‏.‏

وغدر أهل أبرقباذ ميسان‏.‏

قالوا‏:‏ وكان من سبى ميسان أبو الحسن البصري وسعيد بن يسار أخوه‏.‏

وكان اسم يسار فيروز‏.‏

فصار أبو الحسن لامرأة من الأنصار يقال لها الربيع بنت النضر عمة أنس بن مالك‏.‏

ويقال كان لامرأة من بني سلمة يقال لها جميلة امرأة أنس بن مالك‏.‏

وروى الحسن قال‏:‏ كان أبي وأمي لرجل من بني النجار‏.‏

فتزوج امرأة من بنى سلمة فساقهما إليها في صداقها‏.‏

فأعتقتهما تلك المرأة فولاؤنا لها‏.‏

وكان مولد الحسن بالمدينة لسنتين بقيتا من خلافه عمر وخرج منها بعد صفين بسنة ومات بالبصرة سنة 110 وهو ابن تسع وثمانين سنة‏.‏

قالوا‏:‏ إن المغيرة جعل يختلف إلى امرأة من بني هلال يقال لها أم جميل بنت محجن بن الأفقم بن شعيثة بن الهزم‏.‏

وقد كان لها زوجٌ من ثقيف يقال له الحجاج بن عتيك‏.‏

فبلغ ذلك أبا بكرة بن مسروح مولى النبي صلى الله عليه وسلم من مولدي ثقيف وشبل بن معبد بن عبيد البجلي ونافع بن الحارث ابن كلدة الثقفي وشبل بن معبد بن عبيد البجلي ونافع بن الحارث ابن كلدة الثقفي وزياد بن عبيد فرصدوه‏.‏

حتى إذا دخل عليها هجموا عليه فإذا هما عريانان وهو متبطنها‏.‏

فخرجوا حتى أتوا عمر بن الخطاب فشهدوا عنده بما رأوا‏.‏

فقال عمر لأبي موسى الأشعري‏:‏ إني أريد أبعثك إلى بلد قد عشش فيه الشيطان‏.‏

قال‏:‏ فأعنى بعدةٍ من الأنصار‏.‏

فبعث معه البراء بن مالك وعمران بن الحصين وأمره بأشخاص المغيرة‏.‏

فأشخصه بعد قدومه بثلاث‏.‏

فلما صار إلى عمر جمع بينه وبين الشهود‏.‏

فقال نافع بن الحارث‏:‏ رأيته على بطن المرأة يحتفز عليها ورأيته يدخل ما معه ويخرجه كالميل في المكحلة‏.‏

ثم شهد شبل بن معبد على شهادته ثم أبو بكرة ثم أقبل زياد رابعًا‏.‏

فلما نظر إليه عمر قال‏:‏ أما إني أرى وجه رجلٍ أرجو أن لا يرجم رجلٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على يده ولا يخزي بشهادته‏.‏

وكان المغيرة قد من مصر فأسلم وشهد الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

فقال زياد‏:‏ رأيت منظرًا قبيحًا وسمعت نفسًا عاليًا‏.‏

وما أدري أخالطها أم لا ويقال لم يشهد بشيء‏.‏

فأمر عمر بالثلاثة لجلدوا‏.‏

فقال شبل‏:‏ أنجلد شهود الحق وتبطل الحد فلما جلد أبو بكرة قال‏:‏ أشهد أن المغيرة زانٍ‏.‏

فقال عمر‏:‏ حدوه‏.‏

فقال‏:‏ على إن جعلتها شهادة‏.‏

فارجم صاحبك‏.‏

فخلف أبو بكرة أن لايكلم زيادًا ابدًا وكان أخاه لأمه سمية‏.‏

ثم إن عمر ردهم إلى مصرهم‏.‏

وقد روى قوم أن أبا موسى كان بالبصرة فكتب إليه عمر بولايتها وإضخاص المغيرة‏.‏

والأول أثبت‏.‏

وروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان أمر سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن يبعث عتبة بن غزوان إلى البصرة ففعل‏.‏

وكان يأنف من مكاتبته إياه فلذلك استعفى وأن عمر رضي الله عنه رده واليًا فمات في الطريق‏.‏

وكانت ولاية أبي موسى البصرة في سنة 16 ويقال سنة 17 فاستقرى كور دجلة فوجد أهلها مذعنين بالطاعة فأمر بمساحتها ووضع الخراج عليها على قدر احتمالها‏.‏

والثبت أن أبا موسى ولى البصرة في سنة 16‏.‏